للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما الحيل التي هي من الكبائر: فمثل قتل امرأته إذا قتل حماته وله من امرأته ولد، والصواب أن هذه الحيلة لا تُسقِط عنه القَوَد، وقولهم: «إنه ورث ابنه بعضَ دم أبيه فسقط عنه القَوَد» ممنوع؛ فإن القود وجب عليه (١) أولًا بقتل أم المرأة، وكان لها أن تستوفيه ولها أن تُسقطه، فلما قتلها قام وليها في هذه الحال مقامها بالنسبة إليها وبالنسبة إلى أمها، ولو كان ابنَ القاتل؛ فإنه لم يدل كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا ميزان عادل على أن الولد لا يستوفي القصاص من والده لغيره. وغاية ما دلَّ عليه الحديث أنه لا يُقاد الوالد بولده (٢)، على ما فيه من الضعف وفي حكمه من النزاع، ولم يدلَّ على أنه لا يقاد بالأجنبي إذا كان الولد هو مستحق القود، والفرق بينهما ظاهر؛ فإنه في مسألة المنع قد أُقِيد بابنه، وفي هذه الصورة إنما أُقِيد بالأجنبي، وكيف تأتي شريعة أو سياسة عادلة بوجوب القود على من قتل نفسًا بغير حق فإن عاد فقتل نفسًا أخرى بغير حق وتضاعفَ إثمه وجرمه سقط عنه القود؟ بل لو قيل بتحتُّمِ قتله ولا بدَّ إذا قصد هذا كان أقرب إلى العقول والقياس.

ومن الحيل المحرَّمة التي يكفر من أفتى بها تمكين (٣) المرأة ابنَ زوجها من نفسها لينفسخ نكاحها حيث صارت موطوءةَ ابنِه، وكذا بالعكس، أو وَطْأَه حماته لينفسخ نكاح امرأته، مع أن هذه الحيلة لا تتمشى إلا على قول من يرى أن حرمة المصاهرة تثبت بالزنا كما تثبت بالنكاح، كما يقوله أبو حنيفة وأحمد


(١) «عليه» ليست في د.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في النسختين: «تمكن». والمثبت من النسخ المطبوعة.