للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يريده، بل يريد الخير والبر. والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد سمَّى الحرب خَدْعة (١)، ولا ريبَ في انقسام الخداع إلى ما يحبه الله ورسوله وإلى ما يبغضه وينهى عنه، وكذلك المكر ينقسم إلى قسمين: محمود ومذموم؛ فالحيلة والمكر والخديعة تنقسم إلى محمود ومذموم.

فالحيل المحرَّمة منها ما هو كفر، ومنها ما هو كبيرة، ومنها ما هو صغيرة. وغير [٨٠/ب] المحرَّمة منها ما هو مكروه، ومنها ما هو جائز، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو واجب:

فالحيلة بالردّة على فسخ النكاح كفر، ثم إنها لا تتأتَّى إلا على قول من يقول بتعجيل الفسخ بالردة، فأما من وقفه على انقضاء العدة فإنها لا يتمُّ لها غرضها حتى تنقضي عدتها؛ فإنها متى علم بردّتها قُتِلتْ، إلا على قول من لا يقتل المرتدة، بل يحبسها حتى تسلم أو تموت.

وكذلك التحيُّل بالردة على حرمان الوارث كفر، والإفتاء بها كفر، ولا تتمُّ إلا على قول من يرى أن (٢) مال المرتدّ لبيت المال، فأما على القول الراجح أنه لورثته من المسلمين فلا تتم الحيلة، وهذا القول هو الصواب، فإن ارتداده أعظم من مرض الموت المَخُوف، وهو في هذه الحال قد تعلَّق حق الورثة بماله، فليس له أن يُسقِط هذا التعلق بتبرع، فهكذا المرتد بردته تعلَّق حق الورثة بماله إذ صار مستحقَّ القتل.


(١) رواه البخاري (٣٠٣٠) ومسلم (١٧٣٩) عن جابر - رضي الله عنه -. ورواه أيضًا البخاري (٣٠٢٩) ومسلم (١٧٤٠) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) «أن» ليست في ز.