للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على جميع البدن دون اللسان، وإنما جعل عقوبةَ اللسان بسبب الفسق الذي هو محلُّ التهمة، فإذا زال الفسق بالتوبة فلا وجه للعقوبة بعدها.

وأما قولكم: "إن ردَّ الشهادة من تمام الحدِّ" فليس كذلك، فإن الحدَّ تمَّ باستيفاء عدده، وسببُه نفس القذف. وأما ردُّ الشهادة فحكمٌ آخرُ أوجبه الفسق بالقذف، لا الحدّ. فالقذف أوجب حكمين: ثبوت الفسق، وحصول الحد، وهما حكمان متغايران.

فصل

وقوله (١): "أو ظنينًا في ولاء أو قرابة". الظنين: المتهم، والشهادة تُرَدُّ بالتهمة. ودلَّ هذا على أنها لا تُرَدُّ بالقرابة، كما لا تُرَدُّ بالولاء، وإنما تُرَدُّ بتهمتهما (٢). وهذا هو الصواب، كما تقدَّم.

وقال أبو عبيد: ثنا حجَّاج، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة، عن أبي الزناد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عمر بن الخطاب أنه قال: تجوز شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، والأخ لأخيه، إذا كانوا عدولًا. لم يقل الله [٧٤/أ] حين قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]: "إلّا والدًا أو ولدًا أو أخًا" (٣)، هذا لفظه (٤).

وليس في ذلك عن عمر روايتان، بل إنما منَع من شهادة المتهم في


(١) "وقوله" ساقط من ع.
(٢) ت: "بتهمتها".
(٣) في النسخ المطبوعة: "وولدًا وأخًا". وما أثبت من النسخ موافق لما في "المصنَّف".
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٥٤٧١)، وابن أبي سبرة تالف هالك.