للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: قول محمد بن الحسن، وهو عكس هذا القول، أن الطلاق يقع بقوله: «الطلاق لي لازم، أو يلزمني»، ولا يقع بقوله: «هو عليَّ واجب». وعلى هذا الخلاف قوله: «إن فعلتُ كذا فالعتق يلزمني، أو فعليَّ العتقُ، أو فالعتق لازم لي، أو واجب عليَّ».

فصل

المخرج السابع: أخْذُه بقول أشهب من أصحاب مالك، بل هو أفقههم على الإطلاق، فإنه قال: إذا قال الرجل لامرأته: «إن كلَّمتِ زيدًا، أو خرجتِ من بيتي بغير إذني» ونحو ذلك مما يكون من فعلها «فأنت طالق»، وكلّمتْ زيدًا أو خرجتْ من بيته تقصِد أن يقع عليها (١) الطلاق= لم تطلُق. حكاه أبو الوليد ابن رشد في كتاب الطلاق من كتاب «المقدِّمات» (٢) له.

وهذا القول هو الفقه بعينه، ولا سيما على أصول مالك وأحمد في مقابلة العبد بنقيض قصده، كحرمان القاتل ميراثَه من المقتول، وحرمان الموصى له وصيةَ مَن قتلَه بعد الوصية، وتوريث امرأة من طلَّقها في مرض موته فرارًا من ميراثها، وكما يقوله مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما ــ وقبلهما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ــ فيمن تزوَّج في العدة وهو يعلم: يفرَّق بينهما، ولا تحلُّ له أبدًا (٣)، ونظائر ذلك كثيرة. فمعاقبة المرأة هاهنا بنقيض قصْدِها هو محض الفقه والقياس، ولا ينتقض هذا على أشهب بمسألة


(١) ز: «عليه».
(٢) «المقدمات الممهدات» (١/ ٥٧٦).
(٣) رواه مالك (٢/ ٥٣٦) وعبد الرزاق (١٠٥٣٩ - ١٠٥٤٤) وسعيد بن منصور (١/ ٢١٩) وابن أبي شيبة (٢٨٥٥٣) من طرق عن عمر، وإسناد مالك صحيح.