للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسكِ» فقالت: «أنت طالق» لم تَطْلُق.

والمأخذ الثاني ــ وهو مأخذ أصحاب أبي حنيفة ــ: أنه التزام بحكم الطلاق، وحكمه لا يلزمه إلا بعد وقوعه، وكأنه قال: «فعليَّ أن أطلِّقك»، وهو لو صرح بهذا لم تطلُق بغير خلاف؛ فهكذا المصدر.

وسرُّ المسألة أن ذلك التزام لأن يطلِّق أو التزامٌ لطلاق واقع؛ فإن كان الالتزام لأن يطلِّق لم تطلُق، وإن كان التزامًا لطلاق واقع فكأنه قال: «إن فعلتِ كذا فأنت طالق طلاقًا يلزمني» طلُقت إذا وُجد الشرط. ولمن رجَّح هذا أن يحيل فيه على العرف؛ فإن الحالف لا يقصد إلا هذا، ولا يقصد التزام التطليق، وعلى هذا فيظهر أن يقال: إن نوى بذلك التزام التطليق لم تطلُق، وإن نوى وقوع الطلاق طلُقت، وهذا قول أبي يوسف وقول جمهور أصحاب الشافعي. ومن جعله صريحًا في وقوع الطلاق حكَّم فيه العرفَ وغلبةَ استعمال هذا اللفظ في وقوع الطلاق، وهذا قول أبي المحاسن الروياني. والوجوه الثلاثة في مذهب الشافعي، حكاها شارح «التنبيه» وغيره.

وفي المسألة قولان آخران، وهما للحنفية:

أحدهما: أنه إن قال: «فالطلاق عليَّ واجب» يقع، نواه أو لم ينوه، وإن قال: «فالطلاق لي لازم» لا يقع، نواه أو لم ينوِه. ووجه هذا الفرق أن قوله «لازم» التزام لأن يطلِّق؛ فلا تطلُق بذلك، وقوله «واجب» إخبار عن وجوبه عليه، ولا يكون واجبًا إلا وقد وقع. ولمن سوَّى بينهما أن يقول: هو إيجابٌ للتطليق، أو إخبار عن وقوع الطلاق، ولا ريبَ أن [١٦٦/أ] اللفظ محتمل لهما كاحتمال قوله: «الطلاق يلزمني» سواء. وهذا هو الصواب، والفرق تحكُّم.