للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقع به طلاق إذا (١) حنِث، وهذا إذا أخرجه بصيغة الالتزام، كقوله: «الطلاق يلزمني، أو [١٦٥/ب] لازمٌ لي، أو ثابت عليَّ، أو حقٌّ عليَّ، أو متعينٌ عليَّ أو واجبٌ عليَّ إن فعلتُ، أو إن لم أفعلْ». وهذا مذهب أبي حنيفة، وبه أفتى جماعة من مشايخ مذهبه، وبه أفتى القفَّال في قوله: «الطلاق يلزمني». ونحن نذكر كلامهم بحروفه.

قال صاحب «الذخيرة» (٢) من الحنفية: لو قال لها: «طلاقكِ عليَّ واجب، أو لازم، أو فرض، أو ثابت»، ذكر أبو الليث خلافًا بين المتأخرين؛ فمنهم من قال: يقع واحدة رجعية نوى أو لم ينوِ، ومنهم من قال: لا يقع نوى أو لم ينوِ، ومنهم من قال: في قوله: «واجب» يقع بدون النية، وفي قوله: «لازم» لا يقع وإن نوى. وعلى هذا الخلاف إذا قال: «إن فعلتِ كذا فطلاقكِ عليّ واجب، أو قال: لازم، أو ثابت» ففعلتْ. وذكر القدوري في «شرحه» أن على قول أبي حنيفة لا يقع الطلاق في الكلّ، وعند أبي يوسف إن نوى الطلاق يقع في الكلّ، وعن محمد أنه يقع في قوله «لازم» ولا يقع في قوله «واجب». ثم ذكر من اختار من المشايخ الوقوعَ ومن اختار عدمه، فقال: وكان الإمام ظهير الدين المرغيناني يفتي بعدم الوقوع في الكل.

وقال القفال في «فتاويه»: إذا قال: «الطلاق يلزمني» فليس بصريح ولا كناية، حتى لا يقع به وإن نواه. ولهذا القول مأخذان:

أحدهما: أن الطلاق لا بدّ فيه من الإضافة إلى المرأة، ولم تتحقق الإضافة هاهنا، ولهذا لو قال: «أنا منك طالق» لم تطلُق، ولو قال لها: «طلِّقي


(١) في المطبوع: «ولا».
(٢) انظر «المحيط البرهاني» (٤/ ٣٩٥).