للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعطاء وطاوس وجابر بن زيد وشُريح وأبي وائل وجعفر بن محمد وأضرابهم مما يَسُوغ الأخذ به، بل يرى تقديم قول المتأخرين من أتباع من قلَّده على فتوى أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعُبادة بن الصامت وأبي موسى الأشعري وأضرابهم، فلا يدري ما عُذره غدًا عند الله إذا سوَّى بين أقوال أولئك وفتاويهم وأقوال هؤلاء وفتاويهم، فكيف إذا رجَّحها عليها؟ فكيف إذا عيَّن الأخذَ بها حكمًا وإفتاءً، ومنعَ الأخذَ بقول الصحابة، واستجاز عقوبة من خالف المتأخرين (١) لها، وشهد عليه بالبدعة والضلالة ومخالفة أهل العلم وأنه يكيد الإسلام؟

بالله لقد أخذ بالمثل المشهور «رَمَتْنِي بدائِها وانْسَلَّتْ» (٢)، وسمَّى ورثة الرسول باسمه هو، وكساهم أثوابَه، ورماهم بدائه، وكثير من هؤلاء يصرخ ويصرِّح ويقول ويُعلِن أنه يجب على الأمة كلِّهم الأخذُ بقول من قلَّدناه دينَنا، ولا يجوز الأخذ بقول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة. وهذا كلامٌ من أخذ به وتقلَّده ولَّاه الله ما تولَّى، ويَجزيه عليه يوم القيامة الجزاء الأوفى. والذي نَدينُ الله به ضدُّ هذا القول، والردُّ عليه، فنقول (٣):

إذا قال الصحابي قولًا فإما أن يخالفه صحابي آخر أو لا يخالفه، فإن


(١) ك، ب: «من المتأخرين»، خطأ. فالمعنى: من خالفَ المتأخرين مؤيِّدًا لأقوال السلف.
(٢) انظر: «الأمثال» لأبي عبيد (ص ٧٣).
(٣) اعتمد المؤلف في هذا المبحث على كلام شيخه في «تنبيه الرجل العاقل» (ص ٥٢٩ وما بعدها) الطبعة الثانية.