للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك [٣٤٤/أ] إلا الاشتراك في أمر عام، وهو قبولُ الانقسام، وقيامُ الأبعاد الثلاثة، والإشارةُ الحِسِّيَّة، ونحو ذلك، مما لا يوجب التشابه، فضلًا عن التماثل. وبالله التوفيق.

فصل

وأما قوله: «إن الشريعة جمعت بين المختلفات، كما جمعت بين الخطأ والعمد في ضمان الأموال» فغيرُ منكَر في العقول والفِطَر والشرائع والعادات اشتراكُ المختلفات في حكم واحد، باعتبار اشتراكها في سبب ذلك الحكم؛ فإنه لا مانع من اشتراكها في أمرٍ يكون علةً لحكم من الأحكام، بل هذا هو الواقع. وعلى هذا، فالخطأ والعمد اشتركا في الإتلاف الذي هو علّة للضمان، وإن افترقا في علّة الإثم. وربطُ الضمان بالإتلاف من باب ربط الأحكام بأسبابها. وهو من (١) مقتضى العدل الذي لا تتم المصلحة إلا به، كما أوجب على القاتل خطأً ديةَ القتيل. ولذلك لا يعتمد التكليف، فيضمن الصبي والمجنون والنائم ما أتلفوه من الأموال. وهذا من الشرائع العامة التي لا تتم مصالح الأمة إلا بها. فلو لم يضمنوا جنايات أيديهم لأتلفَ بعضُهم أموالَ بعض، وادَّعى الخطأ وعدم القصد.

وهذا بخلاف أحكام الإثم والعقوبات، فإنها تابعة للمخالفة وكسب العبد ومعصيته؛ ففرَّقت الشريعة فيها بين العامد والمخطئ. وكذلك البر والحنث في الأيمان، فإنه نظير الطاعة والعصيان في الأمر والنهي؛ فيفترق الحال فيه بين العامد والمخطئ.


(١) لفظ «من» ساقط من النسخ المطبوعة.