للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي لم يجعله الله محلًّا للوطء؟ أفترى بالأكل والشرب قبله صار الزمان محلًّا للوطء وانقلبت كراهة الشارع له (١) محبةً ومنعُه إذنًا؟ هذا من المحال.

وأفسدُ من هذا قولهم: إن الحيلة في إسقاط الكفارة أن ينوي قبل الجماع قطع الصوم، فإذا أتى بهذه النية فليجامع آمنًا من وجوب الكفارة. ولازمُ هذا القول الباطل أنه لا تجب كفارة على مجامعٍ أبدًا، وإبطال هذه الشريعة رأسًا؛ فإن المجامع لا بدَّ أن يعزِمَ على الجماع قبل فعله، وإذا عزم على الجماع فقد تضمَّنت نيته قطعَ الصوم، فأفطر قبل الفعل بالنية الجازمة للإفطار، فصادفه الجماع وهو مفطر بنية الإفطار السابقة على الفعل، فلم يفطر به، فلا تجب الكفارة، فتأملْ كيف تتضمن الحيل المحرمة مناقضةَ الدين وإبطال الشرائع؟

وكذلك قالوا: لو أن مُحرِمًا خاف الفوت وخشي القضاء من قابلٍ فالحيلة في إسقاط القضاء أن يكفُر بالله ورسوله في حال إحرامه فيبطل إحرامه، فإذا عاد إلى الإسلام لم يلزمه القضاء من قابلٍ، بناء على أن المرتد كالكافر الأصلي، فقد أسلم إسلامًا مستأنفًا لا يجب عليه فيه قضاء ما مضى. ومن له مُسْكةٌ من علم ودين يعلم أن هذه الحيلة مناقضة لدين الإسلام أشدَّ مناقضة، فهو في شِقٍّ والإسلام في شِقٍّ.

وكذلك لو وكَّل رجلًا في استيفاء حقه فرفعه إلى الحاكم فأراد أن يحلِّفه بالطلاق أنه لا حقَّ لوكيله قِبَله، فالحيلة في حلفه صادقًا أن يُحضِر


(١) «له» ليست في د.