للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما جمعُها [٣٤٤/ب] بين المكلَّف وغيره في الزكاة، فهذه مسألة نزاع واجتهاد. وليس عن صاحب الشرع نصٌّ بالتسوية ولا بعدمها، والذين سوَّوا بينهما رأوا ذلك من حقوق الأموال التي جعل (١) الله سبحانه الأموال سببًا في ثبوتها. وهي حقٌّ للفقراء في نفس هذا المال، سواء كان مالكه مكلَّفًا أو غير مكلَّف؛ كما جعل في ماله حقَّ الإنفاق على بهائمه ورقيقه وأقاربه، فكذلك جعل في ماله حقًّا للفقراء والمساكين.

فصل

وأما جمعُها بين الهرَّة والفأرة في الطهارة، فهذا حقٌّ، وأيُّ تفاوت في ذلك؟ وكأن السائل رأى أن العداوة التي بينهما توجب اختلافهما في الحكم كالعداوة التي بين الشاة والذئب. وهذا جهل منه؛ فإن هذا أمرٌ لا تعلُّقَ له بطهارة ولا نجاسة ولا حِلٍّ ولا حرمة. والذي جاءت به الشريعة من ذلك في غاية الحكمة والمصلحة، فإنها لو جاءت بنجاستهما لكان فيه أعظمُ حرج ومشقة على الأمة لكثرة طوفانهما على الناس ليلًا ونهارًا، وعلى فُرُشهم وثيابهم وأطعمتهم، كما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الهرة: «إنَّها ليستْ بِنَجَسٍ. إنَّها مِنَ الطَّوَّافين عليكم والطَّوَّافات» (٢).

فصل

وأما جمعُها بين الميتة وذبيحةِ غيرِ الكتابي في التحريم، وبين ميتة الصيد وذبيحة المُحْرِم له، فأيُّ تفاوت في ذلك؟ وكأن السائل رأى أن الدم لما احتَقَن في الميتة كان سببًا لتحريمها، وما ذبَحه المُحْرِم أو الكافر غيرُ


(١) ح: «جعلها».
(٢) تقدم تخريجه.