للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحقوق عند الشروط.

وإذا كان من علامات النفاق إخلاف الوعد وليس بمشروط، فكيف الوعد المؤكَّد بالشرط؟ بل ترك الوفاء بالشرط يدخل في الكذب والخُلف والخيانة والغدر، وبالله التوفيق.

المثال الحادي والستون: إذا باعه جاريةً معيبة وخاف من ردِّها عليه بالعيب فليبيِّن له من (١) عيبها ويشهد أنه دخل عليه، فإن خاف ردَّها بعيب آخر لا يعلمه البائع فليعيِّن له عيوبًا يدخل في حكمها وأنه رضي بها كذلك، فإن كان العيب غير متصور ولا داخلٍ في جملة تلك العيوب فليقل: «وأنك رضيتَ بها بجملة ما فيها من العيوب التي تُوجِب الردّ» مقتصرًا على ذلك. ولا يقلْ: «وأنك أسقطتَ حقَّك من الردّ»، ولا: «أبرأتَني من كل دعوى تُوجب الردَّ»، ولا يبيعها بشرط البراءة من كل عيب؛ فإن هذا لا يُسقط الرد عند كثير من الفقهاء، وهي مسألة البيع بالبراءة من العيوب.

وللشافعي فيها ثلاثة أقوال؛ أحدها: صحة البيع والشرط، والثاني: صحة البيع وفساد الشرط وأنه لا يبرأ من شيء من العيوب، والثالث: أنه يبرأ من العيوب الباطنة في الحيوان خاصة دون غيرها.

والمشهور من مذهب مالك (٢) جواز العقد والشرط، وأنه يبرأ من جميع العيوب. وهل يعمُّ ذلك جميعَ المبيعات أو [١٢٩/ب] يخصّ بعضها؟


(١) «من» ليست في ك.
(٢) ما ذكره المؤلف هنا من مذهب مالك وأصحابه أكثره منقول من «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٨٠ وما بعدها).