للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والالتزام به أوسع من الالتزام بالنذر.

وإنما بُسِط القول في هذا؛ لأن باب الشروط يدفع أكثر حيل المتحيلين، ويجعل للرجل مخرجًا مما يخاف منه ومما (١) يضيق عليه؛ فالشرط الجائز بمنزلة العقد، بل هو عقد وعهد، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧].

وهاهنا قضيتان كلّيتان من قضايا الشرع الذي بعث الله به رسوله.

إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه فهو باطل كائنًا ما كان.

والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه، وهو ما يجوز بذلُه وفعلُه بدون الشرط، فهو لازم بالشرط.

ولا يُستثنى من هاتين القضيتين شيء (٢)، وقد دلَّ عليهما كتاب الله وسنة رسوله واتفاق الصحابة، ولا يُعبأ (٣) بالنقض (٤) بالمسائل المذهبية والأقوال الآرائية، فإنه لا يهدم قاعدة من قواعد الشرع؛ فالشروط في حق المكلفين كالنذر في حقوق رب العالمين، فكل طاعةٍ جاز فعلها قبل النذر لزمت بالنذر، وكذلك كل شرطٍ جاز بذله بدون الاشتراط لزم بالشرط، فمقاطعُ


(١) «ومما» ليست في ك.
(٢) «فهو لازم ... شيء» ساقطة من ك.
(٣) كذا في النسختين. وفي المطبوع: «ولا تعبأ».
(٤) ز: «بالبعض»، تصحيف.