للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، وينوي أن تكون «ما» موصولة، فإذا قال: «والله إني ما استدنتُ منه» أي إني الذي استدنتُ منه، وينفعه تأويله بالاتفاق إذا كان مظلومًا، كما لا ينفعه إذا كان ظالمًا بالاتفاق.

المثال الثالث والثلاثون: إذا كان عليه دين فأعسرَ به فادَّعى عليه به (١)، فإن أنكره (٢) كان كاذبًا، وإن أقرَّ له به ألزمه إياه، وإن جحده أقام به البينة، فإن ادعى الإعسار بعد ذلك فإن المدَّعي قد ظهر للحاكم كذبُه في جحده الحقَّ، فهكذا هو كاذب في دعوى الإعسار؛ فالحيلة في تخليصه أن يقول: لا يلزمني توفية ما يدَّعيه عليَّ ولا أداؤه، فإن طالبه الحاكم بجواب يطابق السؤال فله أن يورِّي كما تقدم، ويحلف على ذلك، فإن خشي من إقامة البينة فهنا تَعِزُّ عليه الحيلة، ولم يبقَ له إلا تحليفُ المدَّعي أنه لا يعلم عجزه عن الوفاء، أو إقامة البينة بأنه عاجز عن الوفاء، فإن حلف المدَّعي ولم تقم له بينة بالعجز لم يبقَ له حيلة غير الصبر.

المثال الرابع والثلاثون: إذا تداعيا عينًا هي في يد أحدهما فهي لصاحب اليد، فإن أقام الآخر بينة حُكِم له ببينته؛ فإن أقام كل واحد منهما بينة؛ فقال الشافعي: بينةُ صاحب اليد أولى؛ لأن البينتين قد تعارضتا، وسلمت اليدُ عن معارض. وقال الإمام أحمد في ظاهر مذهبه: بينة الخارج أولى؛ لأن معها زيادةَ علمٍ خفيتْ على بينة صاحب اليد فإنها تستند إلى ظاهر اليد (٣)، وبينة الخارج تستند إلى سبب خفي على بينة الداخل فتكون أولى. فالحيلة في


(١) «به» ليست في ك، ب.
(٢) ك: «فأنكره».
(٣) «اليد» ليست في ز. وفي ك، ب: «صاحب اليد».