للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعوض، والإبراء بعوضٍ استيفاء لما وقعت البراءة عنه؛ لأن العوض قائم مقام ما وقعت البراءة عنه، والاستيفاء يجوز قبل الوجوب بدليل ما لو تسلَّفتْ نفقةَ شهرٍ جملة. وأما الإبراء من النفقة في غير الخلع (١) قبل ثبوتها فهو إسقاط لما لم يجب، فلا يسقط، كما لو أسقطت حقَّها من القَسْم فإن لها أن ترجع فيه متى شاءت.

وأما قول صاحب «المحرر» (٢): «وقيل: إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح، وإلا فهو خلعٌ بمعدوم، وقد بينّا حكمه»، يعني إن قلنا: إن نفقة الحامل نفقة زوجة (٣)، وإن النفقة لها من أجل الحمل، وإنها تجب بالعقد، فيكون خلعًا بشيء ثابت، وإن قلنا: إن النفقة إنما تجب بالتمكين فقد زال التمكين بالخلع، وصارت النفقة نفقة قريب، فالخلع بنفقة الزوجة حينئذٍ خلعٌ بمعدوم. هذا أقربُ ما يتوجَّه به كلامه، وفيه ما فيه، والله أعلم.

المثال الثالث عشر بعد المائة: إذا وقع الطلاق الثلاث بالمرأة، وكان دينها ودين وليها وزوجها المطلق أعزَّ عليهم من التعرُّض للعنة الله ومَقْته بالتحليل، الذي لا يُحِلُّها ولا يُطيِّبها بل يزيدها خبثًا، فلو أنها أخرجت من مالها ثمنَ مملوك فوهبته لبعض من تثق به فاشترى به مملوكًا ثم خطبها على مملوكه فزوَّجها منه فدخل بها المملوك ثم وهبَه إياها (٤) انفسخ النكاح،


(١) «في غير الخلع» ليست في ز.
(٢) (٢/ ٤٦).
(٣) ك، ب: «زوج».
(٤) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «وهبها إياه».