للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل أبلغُ من هذا لو شهد عليه بالردّة فقال: «لم أزلْ أشهد أن لا إله لا الله وأن محمدًا رسول الله منذ عقلتُ وإلى الآن» لم يُستكشَف عن شيء، ولم يُسأل لا هو (١) ولا الشهود عن سبب ردّته، كما ذكره الخرقي في «مختصره» (٢) وغيرُه من أصحاب الشافعي، فإذا ادُّعي عليه بأنه قال كذا وكذا فقال: «إن كنتُ قلته فأنا تائبٌ إلى الله منه» أو «قد تبتُ منه» اكتُفِي منه (٣) بهذا الجواب، ولم يُكشَف عن شيء بعد ذلك.

فإن قيل: هذا تعليق للتوبة أو الإسلام بالشرط، ولا يصح تعليقه بشرط.

قيل: هذا من قلة فقه مُورِده؛ فإن التوبة لا تصح إلا على هذا الشرط، تلفَّظ به أو لم يتلفَّظ به (٤)، وكذلك تجديد الإسلام لا يصح إلا بشرط أن يوجد ما يناقضه، فتلفُّظه بالشرط تأكيدٌ لمقتضى عقدِ التوبة والإسلام. وهذا كما إذا قال: «إن كان (٥) هذا ملكي فقد بعتُك إياه» فهل يقول أحد: إن هذا بيع معلَّق بشرط فلا يصح؟ وكذلك إذا قال: «إن كانت هذه امرأتي فهي طالق» لا يقول أحد: إنه طلاق معلَّق، ونظائره أكثر من أن تُذكر.

وقد شرع الله لعباده التعليق بالشروط في كل موضع يحتاج إليه العبد، حتى بينه وبين ربه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لضُباعة بنت الزبير وقد شكت إليه


(١) ك: «إلا هو»، خطأ.
(٢) انظر: «المختصر» مع شرحه «المغني» (١٢/ ٢٨٦، ٢٨٧).
(٣) «اكتفي منه» ليست في ك.
(٤) «به» ليست في ز.
(٥) «كان» ليست في ك.