للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإعطاء العبد في الآخرة أجرين، بل هذا محضُ الحكمة، فإنه كان عليه (١) في الدنيا حقَّان: حقٌّ لله، وحقٌّ لسيده، فأعطي بإزاء قيامه بكلِّ حقٍّ أجرًا. فاتفقت حكمة الشرع والقدر والجزاء، والحمد لله رب العالمين.

فصل

وأما قوله: «وجعَل للقاذف إسقاطَ الحدِّ باللِّعان في الزوجة دون الأجنبية، وكلاهما (٢) قد ألحق بها (٣) العار»، فهذا من أعظم محاسن الشريعة. فإن قاذف الأجنبية مستغنٍ عن قذفها، لا حاجة له إليه البتة؛ فإن زناها لا يضرُّه [٣١٦/ب] شيئًا، ولا يُفسِد عليه فراشَه، ولا يعلِّق عليه أولادًا من غيره؛ فقذفُها (٤) عدوان محض، وأذى لمحصنة غافلة مؤمنة، فترتَّب عليه الحدُّ زجرًا له وعقوبةً. وأما الزوجة فإنه يلحقه بزناها من العار والمسبَّة، وإفساد الفراش وإلحاق ولد غيره به، وانصراف قلبها عنه إلى غيره؛ فهو محتاج إلى قذفها، ونفي النسب الفاسد عنه، وتخلُّصه من المسبَّة والعار لكونه زوجَ بغيٍّ فاجرة، ولا يمكن إقامة البينة على زناها في الغالب، وهي لا تُقِرُّ به، وقولُ الزوج عليها غير مقبول= فلم يبقَ سوى تحالفهما بأغلظ الإيمان، وتأكيدها بدعائه على نفسه باللعنة ودعائها على نفسها بالغضب إن كانا كاذبين. ثم يفسخ النكاح بينهما، إذ لا يمكن أحدهما أن يصفو للآخر أبدًا.


(١) ع: «فإن العبد عليه». وفي النسخ المطبوعة: «فإن العبد كان عليه».
(٢) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة في موضع «وكلتاهما».
(٣) ع: «بهما»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) ع: «وقذفها»، وكذا في النسخ المطبوعة.