للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [٣١٦/أ] وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: ٣٠ - ٣١].

وهذا على وفق قضايا العقول ومستحسناتها. فإن العبد كلما كملت نعمة الله عليه انبغى (١) له أن تكون طاعته له أكملَ، وشكره له أتمَّ، ومعصيته له أقبحَ، وشدة العقوبة تابعة (٢) لقبح المعصية. ولهذا كان أشدُّ الناس عذابًا يومَ القيامة عالمًا لم ينفعه الله بعلمه (٣)، فإن نعمة الله عليه بالعلم أعظم من نعمته على الجاهل، وصدورَ المعصية منه أقبحُ من صدورها من الجاهل. ولا يستوي عند الملوك والرؤساء مَن عصاهم من خواصِّهم وحَشَمِهم ومن هو قريبٌ منهم، ومن عصاهم من الأطراف والبعداء. فجعل حدَّ العبد أخفَّ من حدِّ الحُرِّ جمعًا بين حكمة الزجر وحكمة نقصه. ولهذا كان على النصف منه في النكاح والطلاق والعِدَّة إظهارًا لشرف الحرية وخطرها، وإعطاءً لكلِّ مرتبة حقَّها من الأمر، كما أعطاها حقَّها من القدر. ولا تنتقض هذه الحكمة


(١) ع: «ينبغي»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في النسخ الخطية: «تابع».
(٣) هذا لفظُ حديثٍ رواه ابن وهب في «المسند» (١١٤) ــ ومن طريقه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١٠٧٩) وسقط من سنده يحيى بن سلام!، والطبراني في «المعجم الصغير» (٥٠٧)، والآجري في «أخلاق العلماء» (٦٠، ٦١)، وابن عدي في «الكامل» (٣/ ٤٧٤، ٦/ ٢٦٩)، والبيهقي في «الجامع لشعب الإيمان» (١٦٤٢)، من حديث أبي هريرة مرفوعا، وآفتُه: عثمانُ بن مقسم البري، وهو واهٍ جدًّا. وركّب له إسماعيل بن محمد بن يوسف الثقفي الجبريني (التالف الهالك) متابعة مزعومة، ومن طريقه رواها ابن المُقرئ في «المعجم» (٧٧).