للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال التاسع والخمسون: يصح ضمان ما لم يجب كقوله: «ما أعطيتَ لفلان فهو عليَّ» عند الأكثرين، كما دلَّ عليه القرآن في قول (١) مؤذِّن يوسف: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢]، والمصلحة تقتضي ذلك، بل قد تدعو إليه الحاجة أو الضرورة. وعند الشافعي لا يجوز، وسلَّم جوازه إذا تبين سبب وجوبه كدرك المبيع.

والحيلة في جوازه على هذا القول أنه إذا رضي بأن يلتزم عنه مقدارًا لم يجب عليه بعد أن يقرَّ المضمون عنه به للدافع ثم يضمنه عنه الضامن. فإن خشي المقرُّ أن يطالبه المقرُّ له بذلك ولا يدفعه إليه، فالحيلة أن يقول: هو عليَّ من ثمن مبيعٍ لم أقبضه. فإن تحرَّج من الإخبار بالكذب فالحيلة أن يبيعه ما يريد أخذه منه بالمبلغ الذي التزم الضامن أداءه، فإذا صار في ذمته ضمنه عنه.

وهكذا الحكم إذا زوَّج ابنه أو عبده أو أجيره وضمن للمرأة نفقتها وكسوتها، فالصحيح في هذا كله جواز الضمان، والحاجة تدعو إليه، ولا محذورَ فيه، وليس بعقد معاوضةٍ فتؤثِّر فيه الجهالة، وعقود الالتزام (٢) لا تؤثِّر فيها الجهالة كالنذر، ثم يمكن رفع الجهالة بأن يحدَّ له حدًّا فيقول: من درهمٍ إلى كذا وكذا.

فإن قيل: ما بين الدرهم والغاية مجهول لا يدري كم (٣) يلزمه منه.


(١) ز: «قوله عن».
(٢) ك: «الأكثر ام»، تحريف.
(٣) ك: «لم».