للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلع» (١) عن الإمام أحمد أنه قال: لا ينبغي للرجل أن ينصِب نفسَه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال: أولها: أن تكون له نية، فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور. الثانية: أن يكون له حلم (٢) ووقار وسكينة. الثالثة: أن يكون قويًّا على ما هو فيه، وعلى معرفته. الرابعة: الكفاية وإلا مضَغه الناس. الخامسة: معرفة الناس.

وهذا مما يدل على جلالة أحمد ومحلِّه من العلم والمعرفة، فإن هذه الخمسة هي دعائم الفتوى، وأي شيء نقص منها ظهر الخلل في المفتي بحسبه.

فأما النية، فهي رأس الأمر وعموده وأساسه وأصله الذي عليه يبنى، فإنها روح العمل وقائده وسائقه، والعملُ تابع لها (٣)، يصحُّ بصحتها، ويفسد بفسادها. وبها يُستجلَب التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان. وبحسبها


(١) يعني: كتاب «الردِّ على من أفتى في الخلع»، ومنه نقله القاضي في «العدَّة» (٥/ ١٥٩٩). وأورده ابن بطة في كتاب «إبطال الحيل» (ص ٨٠ - ٨١) أيضًا. وانظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (٣/ ١٠٨) وفيها جميعًا أن ابن بطة رواه بسنده عن «العباس بن الحسين القنطري، حدثنا محمد بن الحجاج، قال: كتب أحمد بن حنبل عني كلامًا. قال العباس: وأملاه علينا». وهذا يدل على أن الكلام الآتي لمحمد بن الحجاج، لا الإمام أحمد، كما ذكر المؤلف هنا، وقبله ابن عقيل في كتابه «الواضح في أصول الفقه» (٥/ ٤٦٠).
(٢) في النسخ المطبوعة: «علم وحلم»، وزيادة «علم» خطأ هنا. ثم لم ترد هذه الزيادة في النسخ الخطية ولا في مصادر النقل المذكورة، ولا في تفسير المؤلف لهذه الخصلة فيما يأتي.
(٣) في المطبوع بعده زيادة: «وعليها يبنى»، وفي الطبعات السابقة: «يبنى عليها».