للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدابة، وقال: أنفقتُ كذا وكذا، وأنكر المُؤجِر، فالقول قول المؤجر؛ لأن المستأجر يدَّعي براءة نفسه من الحق الثابت عليه، والقول قول المنكر.

فإن قيل: فهل ينفعه إشهاد ربّ الدار (١) أو الدابة على نفسه أنه مصدَّق فيما يدعي إنفاقه؟

قيل: لا ينفعه ذلك، وليس بشيء، ولا يُصدَّق أنه أنفق شيئًا إلا ببينة؛ لأن مقتضى العقد أن لا يُقبل قوله في الإنفاق، ولكن ينتفع بعد الإنفاق بإشهاد المُؤجِر أنه صادق فيما يدَّعي أنه أنفقه. والفرق بين الموضعين أنه بعد الإنفاق مدّعٍ، فإذا صدَّقه المدَّعى عليه نفعه ذلك، وقبل الإنفاق ليس مدَّعيًا، فلا ينفعه إشهاد المُؤْجِر بتصديقه فيما سوف يدّعيه في المستقبل؛ فهذا شيء وذاك شيء آخر.

فإن قيل: فما الحيلة على أن يصدَّق المستأجر فيما يدَّعيه من النفقة؟

قيل: الحيلة أن يُسلِف المستأجر ربَّ الدار أو الحيوان من الأجرة ما يعلم أنه بقدر حاجته، ويُشهِد عليه بقبضه، ثم يدفع رب الدار إلى المستأجر [١١٣/أ] ذلك الذي قبضه منه، ويوكِّله في الإنفاق على داره ودابته، فيصير أمينَه فيصدَّق على ما يدَّعيه إذا كان ذلك نفقة مثله عرفًا، فإن خرج عن العادة لم يُصدَّق به، وهذه حيلة لا يدفع بها حقًّا، ولا يتوصل بها إلى المحرَّم، ولا يُقِيم بها باطلًا.

المثال الثالث (٢): إذا خاف ربُ الدار أو الدابة أن يُعوِّقها عليه المستأجر


(١) ك: «المال».
(٢) كذا في النسختين، وقد مضى الثالث، وغُيِّر في المطبوعات بالرابع، وهكذا بزيادة عدد في الأمثلة القادمة. وقد أبقيناه كما في النسختين دون تغيير، ويبدو أنه من المؤلف.