للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخالفةُ شيء منها البتةَ.

فإن قيل: هي منسوخة فيما خالفناها فيه، ومحكمة فيما وافقناها فيه.

قيل: هذا مع أنه ظاهر البطلان يتضمّن ما لا (١) علمَ لمدَّعيه به، قائلٌ ما لا دليلَ عليه، فأقلُّ ما فيه أن معارضًا لو قَلَبَ عليه هذه الدعوى بمثلها سواءً، لكانت دعواه من جنس دعواه، ولم يكن بينهما فرقٌ، وكلاهما مدَّعٍ ما لا يمكنه إثباته؛ فالواجب اتباع سنن (٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحكيمها والتحاكم إليها حتى يقوم الدليل القاطع على نسخ المنسوخ منها، أو تُجمِع الأمة على العمل بخلاف شيء منها، وهذا الثاني محالٌ قطعًا، فإن الأمة ولله الحمد لم تُجمِع على ترك [٢٣/ب] العمل بسنة واحدة، إلا سنةً ظاهرة النسخ معلومٌ للأمة ناسخها، وحينئذٍ يتعيَّن العمل بالناسخ دون المنسوخ، وأما أن تُترك السننُ لقول أحدٍ من الناس فلا، كائنًا من كان، وبالله التوفيق.

الوجه العشرون: أن فرقة التقليد قد ارتكبت مخالفةَ أمر الله وأمر رسوله وهَدْي أصحابه وأحوال أئمتهم، وسلكوا ضدَّ طريق أهل العلم:

أما أمر الله فإنه أمر بردّ ما تنازع فيه المسلمون إليه وإلى رسوله، والمقلّدون قالوا: إنما نردُّه إلى من قلَّدناه.

وأما أمر رسوله فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عند الاختلاف بالأخذ بسنته وسنة خلفائه الراشدين المهديين (٣)، وأمر أن يُتمسَّك بها، ويُعَضّ عليها بالنواجذ (٤)،


(١) د: «لما».
(٢) ت: «سنة».
(٣) بعدها في ت: «من بعده».
(٤) تقدم تخريجه.