للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرابته وولائه.

وقال أبو عبيد: حدثني يحيى بن بُكير، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب أنه تجوز شهادة الولد لوالده (١).

وقال إسحاق بن راهويه: لم تزل قضاة الإسلام على هذا.

وإنما قُبِل قولُ الشاهد لظنِّ صدقه، فإذا كان متهمًا عارضت التهمةُ الظنَّ. فبقيت البراءة الأصلية ليس لها معارِض مقاوِم.

فصل

وقوله: "فإنَّ الله تبارك وتعالى تولَّى من العباد السرائرَ، وستر عليهم الحدودَ إلا بالبينات" يريد بذلك أن من ظهرت لنا منه علانيةُ خيرٍ قَبِلنا شهادتَه، ووكلنا سريرته إلى الله سبحانه؛ فإن الله سبحانه لم يجعل أحكام الدنيا على السرائر، بل على الظواهر، والسرائر تبعٌ لها. وأما أحكام الآخرة فعلى السرائر، والظواهر تبع لها.

وقد احتجَّ بعض أهل العراق بقول عمر هذا على قبول شهادة كلِّ مسلم لم تظهر منه ريبةٌ، وإن كان مجهول الحال؛ فإنه قال: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض"، ثم قال: "فإن الله تعالى تولَّى من عباده السرائر، وستَر عليهم الحدود". ولا يدل كلامه على هذا المذهب.


(١) رواه أبو عبيد في كتاب "القضاء"، وسندُه هذا مندرجٌ ضمن نسخة روى منها في كتابه "الأموال" وغيره. ويشهد للخبر ما رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٥٤٧٥) عن معمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قال: أجاز عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلا. وقد تقدم.