للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درهمًا، فيقول الشفيع: قد رضيتُ واستوجبتُ؛ لأن المشتري متى (١) ابتدأ بقوله: «هذا البيت لك بكذا» لم يكن الشفيع مسلِّمًا للشفعة.

المثال الثامن والثمانون (٢): تجوز المغارسة عندنا على شجر الجوز وغيره، بأن يدفع إليه أرضَه ويقول: اغرِسْها من الأشجار كذا وكذا، والغرس بيننا نصفين (٣). وهذا كما يجوز أن يدفع إليه ماله يتجر فيه، والربح بينهما نصفين، وكما يدفع إليه أرضه يزرعها، والزرع بينهما، [١٤٠/أ] وكما يدفع إليه شجره يقوم عليه، والثمر بينهما، وكما يدفع إليه بقره أو غنمه أو إبله يقوم عليها، والدَّر والنسل بينهما، وكما يدفع إليه زيتونه يعصره، والزيت بينهما، وكما يدفع إليه دابتَه يعمل عليها، والأجرة بينهما، وكما يدفع إليه فرسه يغزو عليها، وسهمُها بينهما، وكما يدفع إليه قَناةً (٤) يستنبط ماءها، والماء بينهما، ونظائر ذلك. فكل ذلك شركة صحيحة قد دلَّ على جوازها النص والقياس واتفاق الصحابة ومصالح الناس، وليس فيها ما يوجب تحريمها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة، ولا معنى صحيح يوجب فسادها.

والذين منعوا ذلك عذرهم أنهم ظنُّوا ذلك كله من باب الإجارة، فالعوض مجهول فيفسد. ثم منهم من أجاز المساقاة والمزارعة للنص الوارد فيها، والمضاربةَ للإجماع، دون ما عدا ذلك، ومنهم من خصّ الجواز


(١) ك، ب: «من».
(٢) هنا بياض في ز.
(٣) كذا في النسخ منصوبًا، وله وجه. وفي المطبوع: «نصفان».
(٤) مجرى للماء.