للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البينة؛ فحكم الله فيه بما شرعه على لسان رسوله {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠].

المثال الرابع والأربعون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وضع الجوائح، بأنها خلاف الأصول، كما في «صحيح مسلم» (١) عن جابر يرفعه: «لو بعتَ من أخيك ثمرًا فأصابتْه جائحةٌ فلا يَحِلُّ لك أن تأخذ منه شيئًا، بِمَ (٢) تأخذُ مال أخيك بغير حق؟». وروى سفيان بن عيينة عن حُميد عن سليمان عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنين، وأمر بوضع الجوائح (٣). فقالوا: هذه خلاف الأصول؛ فإن المشتري قد ملك الثمرة وملك التصرف فيها، وتَمَّ نقلُ الملك إليه، ولو ربح فيها كان (٤) الربح له، فكيف تكون من ضمان البائع؟ وفي «صحيح مسلم» (٥) عن أبي سعيد قال: أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمارٍ ابتاعها، فكثُر دَينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تصدَّقوا عليه»، فتصدّقوا عليه، فلم يبلغ ذلك وفاءَ دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك». وروى مالك (٦) عن


(١) رقم (١٥٥٤).
(٢) ت: «ثم».
(٣) رواه أبو داود (٣٣٧٤) وأحمد (١٤٣٢٠)، وروى مسلم الشطر الأول منه برقم (١٤٣٦) والشطر الثاني برقم (١٥٥٤).
(٤) ع: «لكان».
(٥) رقم (١٥٥٦).
(٦) في «الموطأ» (٢/ ٦٢١)، ومن طريقه الشافعي في «الأم» (٤/ ١١٧) عن عمرة مرسلاً، ووصله أحمد (٢٤٤٠٥)، وصححه ابن حبان (٥٠٣٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني الوصل في «علله» (١٤/ ٤٢٣).