للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي الرِّجال عن أمه عَمْرة أنه سمعها (١) تقول: ابتاع رجل ثمرَ حائطٍ في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعالجَه وأقام عليه حتى تبيَّن له النقصان، فسأل ربَّ الحائط أن يضعَ عنه، فحلف لا يفعل، فذهبتْ أمُّ المشتري إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتْ له ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تألَّى أن لا يفعلَ خيرًا»، فسمع بذلك ربُّ المال، فأتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٩٤/أ] فقال: يا رسول الله، هو له.

والجواب (٢) أن وضع الجوائح لا يخالف شيئًا من الأصول الصحيحة، بل هو مقتضى أصول الشريعة، ونحن نبيِّن بحمد الله هذا بمقامين (٣):

أما الأول فحديث وضع الجوائح لا يخالف كتابًا ولا سنةً ولا إجماعًا، وهو أصلٌ بنفسه؛ فيجب قبوله، وأما ما ذكرتم من القياس فيكفي في فساده شهادة النصّ له بالإهدار، كيف وهو فاسد في نفسه؟

وهذا يتبيّن بالمقام الثاني، وهو أن وضع الجوائح كما هو موافق للسنة الصحيحة الصريحة فهو مقتضى القياس (٤) الصحيح؛ فإن المشتري لم يتسلَّم الثمرة ولم يقبضها القبضَ التامَّ الذي يوجب نقلَ الضمان إليه؛ فإن قبضَ كل شيء بحسبه، وقبضُ الثمار إنما يكون عند كمال إدراكها شيئًا فشيئًا، فهو كقبض المنافع في الإجارة، وتسليمُ الشجرة إليه كتسليم العين المُؤْجَرة من الأرض والعقار والحيوان، وعُلَقُ البائع لم تنقطع عن المبيع، فإن له سقْيَ الأصل وتعاهُدَه، كما لم تنقطع عُلَقُ المُؤجِر عن العين


(١) ع: «أنها سمعتها»، خطأ ..
(٢) ت: «فالجواب».
(٣) ت: «هذين المقامين».
(٤) ع: «مقتض للقياس».