للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثمرة هذه السكينة: الطمأنينة للخبر تصديقًا وإيقانًا، وللأمر تسليمًا وإذعانًا؛ فلا تدع شبهةً تعارض الخبر، ولا إرادةً تعارض الأمر. بل لا تمرُّ (١) معارضات السوء بالقلب إلا وهي مجتازة (٢) مرورَ الوساوس الشيطانية التي يبتلى بها العبد، ليقوى إيمانه، ويعلو عند الله ميزانه، بمدافعتها وردِّها وعدم السكون إليها؛ فلا يظنَّ المؤمن أنها لنقصِ درجته عند الله.

فصل

ومنها: السكينة عند القيام بوظائف العبودية، وهي التي تورث الخضوع والخشوع وغضَّ الطرف وجمعيةَ القلب على الله تعالى بحيث يؤدِّي عبوديته بقلبه وبدنه. والخشوع نتيجة هذه السكينة وثمرتها، وخشوع الجوارح نتيجة خشوع القلب. وقد رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: «لو خشع قلبُ هذا لخشعت جوارحُه» (٣).

فإن قلت: قد ذكرتَ أقسامها، ونتيجتها، وثمرتها، وعلامتها؛ فما أسبابها الجالبة لها؟ قلت: سببها استيلاء مراقبة العبد لربِّه جلَّ جلالُه حتى كأنه يراه. وكلما اشتدَّت هذه المراقبة أوجبَتْ له من الحياء، والسكينة، والمحبَّة،


(١) ب: «فلا تمر»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) زيد بعدها في النسخ المطبوعة: «من»!
(٣) رواه الحكيم الترمذي (١٣١٠، ١٤١٤) من حديث أبي هريرة، وفيه سليمان بن عمرو ضعيف جدًّا. ضعف الحديث ابنُ رجب في «الخشوع في الصلاة» (ص ٣٣)، والزيلعي في «تخريج كشاف» (٢/ ٣٩٩)، والعراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ١٥١). وانظر: «السلسلة الضعيفة» (١١٠).