للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشافعي فيما رواه عنه الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه" له (١): لا يحِلُّ لأحدٍ أن يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به (٢). ويكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثلَ ما عرف من القرآن. ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر وما يحتاج إليه للعلم (٣) والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف. ويكون بعد هذا مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار. وتكون له قريحة بعد هذا. فإذا كان هذا (٤) هكذا فله أن يتكلَّم ويفتي في الحلال والحرام. وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي.

وقال صالح بن أحمد: قلتُ لأبي: ما تقول في الرجل يُسأل عن الشيء، فيجيب بما في الحديث، وليس بعالم في الفقه؟ فقال: ينبغي للرجل إذا حمَل نفسَه على الفتيا أن يكون عالمًا بالسُّنن، عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد (٥) الصحيحة (٦). وذكر الكلام المتقدِّم.


(١) (٢/ ٣٣١ - ٣٣٢). وفي سنده أحمد بن مروان المالكي، اتهمه الدارقطني.
(٢) بعده في "الفقيه والمتفقه": "وفيما أنزل".
(٣) ح، ف: "العلم". وفي مصدر النقل ما أثبت من غيرهما. وفي النسخ المطبوعة: "للسنَّة"، ولعله تصرف من بعض الناشرين.
(٤) "فإذا كان هذا" ساقط من ع لانتقال النظر.
(٥) ح، ف: "بوجوه الأسانيد". ولعله سهو. فالمثبت من غيرهما موافق لمصدر النقل وهو "الفقيه والمتفقه"، وكذا ذكره المؤلف قبل قليل، وكذا سيأتي في آخر الكتاب.
(٦) سبق تخريجه.