للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما حدُّ (١) قاذف الحر دون العبد، فتفريقٌ لشرعه بين ما فرَّق الله بينهما بقدره. فما جعل الله سبحانه العبد كالحرِّ من كلِّ وجه لا قدرًا ولا شرعًا. وقد ضرب الله سبحانه لعباده الأمثال التي أخبر فيها بالتفاوت بين الحر والعبد، وأنهم لا يرضون أن تساويهم عبيدهم في أرزاقهم. فالله سبحانه وتعالى فضَّل بعضَ خلقه على بعض، وفضَّلَ الأحرار على العبيد في الملك وأسبابه والقدرة على التصرف، وجعل العبد مملوكًا والحُرَّ مالكًا، ولا يستوي المالك والمملوك.

وأما التسوية بينهما في أحكام الثواب والعقاب، فذلك موجب العدل والإحسان؛ فإنه يومَ الجزاء لا يبقى هناك عبد وحرّ، ولا مالك ومملوك.

فصل

وأما تفريقه في العدَّة بين الموت والطلاق، وعدَّة الحرة وعدَّة الأمة، [٢٨٦/أ] وبين الاستبراء والعدّة، مع أن المقصود: العلمُ ببراءة الرحم في ذلك كلِّه. فهذا إنما يتبيَّن وجهُه إذا عُرفت الحكمة التي لأجلها شُرعت العدَّة، وعُرِف أجناسُ العِدَد وأنواعُها.

فأما المقام الأول، ففي شرع العِدَّة عدَّة حِكَم:

منها: العلم ببراءة الرحم، وأن لا يجتمع ماء الواطئين فأكثر في رحم واحد، فتختلط الأنساب وتفسد. وفي ذلك من الفساد ما تمنعه الشريعة والحكمة.


(١) ت، ع: «جلد»، وكذا سبق في سرد المسائل.