للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الجاهلية أن المرتهن يتملَّك الرهن بغير إذن المالك إذا لم يُوفِّه؛ فهذا هو غَلَقُ الرهن الذي أبطله النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما بيعه للمرتهن بما عليه عند الحلول فلم يُبطله كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح ولا مفسدة (١)

ظاهرة، وغاية ما فيه أنه بيع عُلِّق على شرط، ونعم فكان ماذا؟ وقد تدعو الحاجة والمصلحة إلى هذا من المتراهنين، ولا يحرم عليهما ما لم يحرِّمه الله ورسوله، ولا ريبَ أن هذا خير للراهن والمرتهن من تكليفه الرفعَ إلى الحاكم، وإثباته الرهن، واستئذانه في بيعه، والتعب الطويل الذي لا مصلحة فيه سوى الخسارة والمشقة، فإذا اتفقا على أنه له بالدين عند الحلول كان أصلح لهما وأنفع وأبعد من الضرر والمشقة والخسارة، والحيلة في جواز ذلك بحيث لا يحتاج إلى حاكم أن يملِّكه العين التي يريد أن يرهنها منه، ثم يشتريها منه بالمبلغ الذي يريد استدانته، ثم يقول: إن وفَّيتك الثمن إلى كذا وكذا وإلا فلا بيعَ بيننا، فإن وفَّاه وإلا انفسخ البيع وعادت السلعة إلى ملكه. وهذه حيلة حسنة محصِّلة لغرضهما (٢) من غير مفسدةٍ، ولا تضمُّنٍ لتحريم ما أحلَّ الله، ولا تحليل ما حرَّم.

المثال الثاني والثلاثون: إذا كان عليه دَين مؤجل فادَّعى به صاحبه فأقرَّ به فالصحيح المقطوع به أنه لا يؤاخَذ به قبل أجله؛ لأنه إنما أقرَّ به على هذه


(١) ب: «مصلحة»، تحريف ..
(٢) ك: «لغرضها».