للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفة، فإلزامه به (١) على غير ما أقرَّ به إلزامٌ بما لم يقرَّ به. وقال بعض أصحاب أحمد والشافعي: يكون مقرًّا بالحق مدَّعيًا لتأجيله، فيؤاخَذ بما أقرَّ به، ولا تُسمع منه دعوى الأجل إلا ببينة.

وهذا في غاية الضعف، فإنه إنما أقرَّ به إقرارًا مقيدًا لا مطلقًا؛ فلا يجوز أن يُلغى التقييد ويُحكم عليه بحكم الإقرار المطلق، كما لو قال: له عليَّ ألفٌ إلا خمسين، أو له عليَّ ألف من ثمن مبيع لم أقبِضْه، أو له عليَّ ألفٌ من نقدِ كذا وكذا ومعاملةِ كذا وكذا؛ فيلزمهم في هذا ونحوه أن يُبطِلوا هذه التقييدات كلها، ويُلزِمونه بألف كاملة من النقد الغالب، ولا يُقبل قوله: إنها من ثمن مبيع لم أقبضه.

ومما يبيِّن بطلان هذا القول أن إقرار المرء [١٢٠/ب] على نفسه شهادة منه على نفسه، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥]. ولو شهد عليه شاهدان بألف مؤجَّلة لم يحكم بها عليه قبل الأجل اتفاقًا، فهكذا إذا أقرَّ بها مؤجلة.

فالحيلة في خلاصه من الإلزام بهذا القول الباطل أن يقول: لا يلزمني توفيةُ ما تدَّعيه عليَّ أو أداؤه إليك إلى مدة كذا وكذا، ولا (٢) يزيد على هذا.

فإن ألحَّ عليه وقال: «لي عليك كذا أم ليس لي عليك شيء؟» ولا بدَّ من أن يجيب (٣) بأحد الجوابين، فالحيلة في خلاصه أن يقول: إن ادعيتَها مؤجَّلةً فأنا مقرٌّ بها، وإن ادعيتَها حالَّةً فأنا منكر.


(١) «به» ليست في ك.
(٢) ك: «أو لا».
(٣) ك: «يحنث»، تصحيف.