للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمقبوض. وأما إذا استهلك الشريك ما قبضه فإنه لا يضمن لشريكه حصته منه قبل المحاصة؛ لأنه لم يدخل في ملكه، ولم يتعين له بمجرد قبض الشريك له؛ ولهذا لو وفَّى شريكه نظيره لم يقل انتقل إلى القابض الأول ما كان ملكًا للشريك، فدلَّ على أنه إنما يصير ملكًا له بالمحاصَّة لا بمجرد قبض الشريك.

ومن الأصحاب من فرَّق بين كون الدين بعقد، وبين كونه بإتلافٍ أو إرثٍ، ووجهُ الفرق أنه إذا كان بعقد فكأنه عقد مع الشريكين، فلكل منهما أن يطالب بما يخصُّه، بخلاف دين الإرث والإتلاف، والله أعلم.

المثال السادس والستون: اختلف الفقهاء في جواز بيع المغيَّبات في الأرض من البصل والثوم والجَزَر واللِّفْت والفُجْل والقُلْقاس ونحوها، على قولين:

أحدهما: المنع من بيعه كذلك؛ لأنه مجهول غير مشاهد، والورق لا يدل على باطنه، بخلاف ظاهر الصُّبرة. وعند أصحاب هذا القول لا يُباع حتى يُقلع.

والقول الثاني: يجوز بيعه كذلك على ما جرت به عادة أصحاب الحقول. وهذا قول أهل المدينة، [١٣٤/ب] وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد، اختاره شيخنا (١).

وهو الصواب المقطوع به، فإن في المنع من بيع ذلك حتى يُقلَع أعظمَ الضرر والحرج والمشقة، مع ما فيه من الفساد الذي لا تأتي به شريعة؛ فإنه


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٦ - ٣٧، ٢٢٧ - ٢٢٨، ٤٨٤ وما بعدها).