للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مأثم؛ فلا بأس بها، والله أعلم.

المثال التسعون: يجوز اشتراط الخيار في البيع فوق ثلاث على أصح قولَي العلماء، وهو مذهب الإمام أحمد ومالك. وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز، وقد تدعو الحاجة إلى جوازه؛ لكون المبيع لا يمكنه استعلامه (١) في ثلاثة أيام؛ أو لِغَيبة من يشاوره ويثق برأيه، أو لغير ذلك. والقياس المحض جوازه كما يجوز تأجيل الثمن فوق ثلاث، والشارع لم يمنع من الزيادة على الثلاثة، ولم يجعلها حدًّا فاصلًا بين ما يجوز من المدة وما (٢) لا يجوز، وإنما ذكرها في حديث حَبَّان بن مُنقِذ (٣) وجعلها له بمجرد البيع، وإن لم يشترطها؛ لأنه كان يُغلَب في البيوع، فجعل له ثلاثًا في كل سلعة يشتريها، سواء شرط ذلك أو لم يشرطه، هذا ظاهر الحديث، فلم يتعرض للمنع من الزيادة على الثلاث بوجه من الوجوه.

فإن أراد الجواز على قول الجميع؛ فالمخرج أن يشترط الخيار ثلاثًا، فإذا قارب انقضاءُ الأجل فسخَه ثم اشترط ثلاثًا، وهكذا حتى تنقضي المدة التي اتفقا عليها. وليست هذه الحيلة محرَّمة؛ لأنها لا تدخل في باطل، ولا تخرج من حق، وهذا بخلاف الحيلة على إيجار الوقف مائة سنة، وقد شرط الواقف أن لا يُؤجِر أكثر من سنة واحدة، فتحيَّل على إيجاره أكثر منها بعقودٍ متفرقة في ساعة واحدة كما تقدم.


(١) ك: «استعماله»، تحريف.
(٢) ك، ب: «وبين ما».
(٣) تقدم تخريجه.