للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُتعدَّى (١). ومعلوم أن الله سبحانه حدَّ لعباده حدودَ الحلال (٢) والحرام بكلامه، وذمَّ من لم يعلم حدودَ ما أنزل الله على رسوله. والذي أنزله هو كلامه، فحدودُ ما أنزله (٣) الله هو الوقوفُ عند حدِّ الاسم الذي علَّق عليه الحِلَّ والحُرمةَ، فإنه هو المنزَّل على رسوله، وحدُّه: ما (٤) وُضِع له لغةً أو شرعًا، بحيث لا يدخل فيه غير موضوعه، ولا يخرج منه شيء من موضوعه.

ومن المعلوم أن حدَّ البُرِّ لا يتناول الخردل، وحدُّ التمر لا يدخل فيه البَلُّوط، وحدُّ الذهب لا يتناول القطن. ولا يختلف الناس أن حدَّ الشيء ما يمنع دخولَ غيره فيه، ويمنع خروجَ بعضه منه.

وقد تقدَّم تقريرُ هذا، وأعدناه لشدة الحاجة إليه؛ فإنَّ أعلمَ الخلق بالدين أعلَمُهم بحدود الأسماء التي علَّق بها الحِلَّ والحُرمة.

والأسماء التي لها حدود في كلام الله ورسوله ثلاثة أنواع:

نوعٌ له حدٌّ في اللغة، كالشمس والقمر، والبرّ والبحر، والليل والنهار. فمن حمل هذه الأسماء على غير مسمَّاها، أو خصَّها ببعضه، أو أخرج منها بعضه= فقد تعدَّى حدودها.

ونوعٌ له حدٌّ في الشرع، كالصلاة والصيام والحج والزكاة والإيمان


(١) كذا وقعت العبارة في النسخ الخطية والمطبوعة. والواو في «الوصية» للحال. يعني: والحال أن الوصية لم تجئ باتباع القياس ومراعاته، بل جاءت بحفظ حدود ما أنزل الله.
(٢) ع: «حدودًا للحلال».
(٣) ت، ع: «أنزل». والمقصود: فحفظ حدود ما أنزله الله.
(٤) في النسخ المطبوعة: «بما».