للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرهم ويختاروا لأنفسهم (١).

فإن قيل: هذه العلة باطلة، فإن المختلعة، والمفسوخَ نكاحُها بسبب من الأسباب، والمطلَّقةَ ثلاثًا، والموطوءةَ بشبهة، والمزنيَّ بها= تعتدُّ بثلاثة أقراء، ولا رجعة هناك. فقد وُجِد الحكم بدون علته، وهذا يُبطِل كونها علَّةً.

قيل: شرطُ النقض أن يكون الحكم في صورة ثابتًا بنص أو إجماع. وأما كونه قولًا لبعض العلماء، فلا يكفي في النقض به. وقد اختلف الناس في عدَّة المختلعة، فذهب إسحاق وأحمد في أصحِّ الروايتين عنه دليلًا أنها تعتدُّ بحَيضة واحدة (٢). وهو مذهب عثمان بن عفان (٣)، وعبد الله بن عباس (٤). وقد حُكي إجماعُ الصحابة، ولا يعلم لهما مخالف. وقد دلَّت عليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة دلالةً صريحةً. وعذرُ من خالفها أنها لم تبلغه، [٢٨٨/ب] أو لم تصح عنده، أو ظنَّ الإجماعَ على خلاف موجَبها.

وهذا القول هو الراجح في الأثر والنظر (٥). أما رجحانه أثرًا، فإن النبي


(١) يشير إلى قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التوبة: ٢].
(٢) انظر: «مسائل الكوسج» (٤/ ١٦٠١ - ١٦٠٣) و (٤/ ١٦٩٤ - ١٦٩٥)، و «الإشراف» لابن المنذر (٥/ ٣٦٠)، و «المغني» (١١/ ١٩٥).
(٣) رواه ابن ماجه (٢٠٥٨)، والنسائي (٣٤٩٨). ويُنظر: «المصنف» لعبد الرزاق (١١٨٥٩)، و «المصنف» لابن أبي شيبة (١٨٧٧٦، ١٨٧٧٨).
(٤) رواه ابن أبي شيبة (١٨٧٨٠).
(٥) وانظر: «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١١٠، ٢٩٠، ٣٢٨) و (٣٣/ ١٠) و «زاد المعاد» (٥/ ٦٠١).