للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومما يبيِّن أن المراد بقوله: «فلأولى رجل ذكر» العصبة بنفسه لا بغيره: أنه لو كان بعد الفرائض إخوة وأخوات، أو بنون وبنات، أو بنات ابن وبنو ابن= لم ينفرد الذكر بالباقي دون الإناث بالنص والإجماع، فتعصيب الأخت بالبنت كتعصيبها بأخيها. فإذا لم يكن قوله: «فلأولى رجل ذكر» موجبًا لاختصاص أخيها دونها لم يكن موجِبًا لاختصاص ابن عم الجدِّ بالباقي دونها. يوضِّحه أنه لو كان معها أخوها لم تسقط، وكان الباقي بعد فرض البنات بينها وبين أخيها.

هذا، وأخوها أقرب إلى الميت من الأعمام وبنيهم، فإذا لم يسقطها الأخ فَلَأن لا يُسقطها [٢٢٥/ب] ابن عمِّ الجدِّ بطريق الأولى والأحرى. وإذا لم يُسقطها ورثت دونه، لكونها أقرب منه، بخلاف الأخ فإنها تشاركه، لاستوائهما في القرب من الميت. فهذا محض القياس والميزان الموافق لدلالة الكتاب ولقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذه الطريق فلا تخصيص في الحديث، بل هو على عمومه. وهذه الطريق أفقه وألطف.

يوضِّح ذلك: أن قاعدة الفرائض أن جنس أهل الفروض فيها مقدَّمون على جنس العصبة، سواء كان ذا فرض محض، أو كان له مع فرضه تعصيب في حال إما بنفسه وإما بغيره، والأخوات من جنس أهل الفرائض، فيجب تقديمهن على من هو أبعد منهن ممن لا يرث إلا بالتعصيب المحض كالأعمام وبنيهم وبني الإخوة. والاستدلال بهذا الحديث على حرمانهن مع البنات كالاستدلال على حرمانهن مع إخوتهن وحرمان بنات الابن، بل البنات أنفسهن مع إخوتهن. وهذا باطل بالنص والإجماع، فكذا الآخر.