للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجره عظيم، وخطره كبير.

فصل

وقد حرَّم الله سبحانه القولَ عليه بغير علم في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرَّمات؛ بل جعله في المرتبة (١) العليا منها، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]. فرتَّب المحرَّماتِ أربعَ مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشدُّ تحريمًا منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريمًا منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربَّع بما هو أشدُّ تحريمًا من ذلك كلِّه، وهو القولُ عليه بلا علم (٢). وهذا يعُمُّ القولَ عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وفي دينه وشرعه.

وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ [٢٠/ب] هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: ١١٦ - ١١٧]. فتقدَّم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذبِ عليه في أحكامه، وقولِهم لما لم يحرِّمه: هذا حرام، ولما لم


(١) ت: "الرتبة".
(٢) وهكذا فسَّر الآية في "مدارج السالكين" (١/ ٣٧٨) أيضًا. وسيأتي نحوه في آخر هذا الكتاب. وذكر شيخ الإسلام في "الجواب الصحيح" (٢/ ٢١٦) أن تقديم اللفظ في الآية للانتقال من الأدنى إلى الأعلى، وفيه (٤/ ٢١٣) أن القول على الله بغير علم أعظم المحرَّمات.