للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متصادقة متعاضدة متناصرة يصدِّق بعضُها بعضًا، ويشهد بعضها لبعض؛ فلا يناقض القياسُ الصحيحُ النصَّ الصحيحَ أبدًا.

ونصوص الشارع نوعان: أخبار، وأوامر. فكما [٢٠٠/أ] أن أخباره لا تخالف العقل (١) الصحيح، بل هي نوعان: نوع يوافقه ويشهد على ما يشهد به جملةً أو جملةً وتفصيلًا. ونوع يعجز عن الاستقلال بإدراك تفصيله وإن أدركه (٢) من حيث الجملة. فهكذا أوامره سبحانه نوعان: نوع يشهد به القياس والميزان، ونوع لا يستقلُّ بالشهادة به ولكن لا يخالفه. وكما أن القسم الثالث في الأخبار محال، وهو ورودُها بما يردُّه العقل الصريح (٣)، فكذلك الأوامر ليس فيها ما يخالف القياس والميزان الصحيح.

وهذه الجملة إنما تتفصَّل (٤) بعد تمهيد قاعدتين عظيمتين:

إحداهما: أن الذكر الأمري محيط بجميع أفعال المكلَّفين أمرًا ونهيًا وإذنًا وعفوًا، كما أن الذكر القدري محيط بجميعها علمًا وكتابةً وقدرًا. فعلمُه وكتابه وقدره قد أحصى جميع أفعال عباده الواقعة تحت التكليف


(١) في النسخ الخطية: «القول»، وهو تصحيف أو سهو كان في الأصول.
(٢) في النسخ الخطية: «أدركته»، يعني: العقول، ولكن مقتضى السياق ما أثبت من المطبوع.
(٣) يعني: الخالص. وكذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «الصحيح».
(٤) ضبط في س، ح بتشديد الصاد المفتوحة. وفي النسخ المطبوعة: «تنفصل»، تصحيف. وتفصَّل مطاوع فصَّل، لم تنصّ عليه المعاجم، ولكن المصنف استعمله في كتاب «الفوائد» (ص ١٦١) أيضًا. قال: « ... بل عرفه معرفة مجملة، وإن تفصَّلت له في بعض الأشياء». وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لشيخ الإسلام (٥/ ١٢٥).