للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتجعل الرجل في ذلك بمنزلة المرأة لا تتمكن من فراق زوجها، ولكن حكمته سبحانه أولى وأليق من مراعاة هذه المصلحة الجزئية التي في مراعاتها تعطيل مصلحة أكبر منها وأهم. وقاعدة الشرع والقدر تحصيل أعلى المصلحتين وإن فات أدناهما، ودفعُ أعلى المفسدتين وإن وقع أدناهما. وهكذا ما نحن فيه سواء؛ فإن مصلحة تمليك الرجال الطلاقَ أعلى وأكبر من مصلحة سدِّه عليهم، ومفسدةُ سدِّه عليهم أكثر من مفسدة فتحه لهم المُفضِية إلى ما ذكرتم. وشرائع الرب تعالى كلها حِكَم ومصالح وعدل ورحمة، وإنما العبث والجور والشدة في خلافها، وبالله التوفيق.

وإنما أطلنا الكلام في هذه المسألة لأنها من أمهات الحيل وقواعدها، والمقصود بيان بطلان الحيل، وأنها لا تتمشَّى على قواعد الشريعة ولا أصول الأئمة، وكثير منها ــ بل أكثرها ــ من توليدات المنتسبين إلى (١) الأئمة وتفريعهم، الأئمة (٢) بُرآء منها.

فصل

ومن الحيل الباطلة: الحيلة على [٩٤/ب] التخلّص من الحنث بالخلع، ثم يفعل المحلوف عليه في حال البينونة، ثم يعود إلى النكاح. وهذه الحيلة باطلة شرعًا (٣)، وباطلة على أصول أئمة الأمصار. أما بطلانها شرعًا فإن هذا خلع لم يشرعه الله ولا رسوله، وهو سبحانه لم يمكِّن الزوجَ من فسخ النكاح متى شاء؛ فإنه لازم، وإنما مكَّنه من الطلاق، ولم يجعل له فسخه إلا عند


(١) «إلى» ليست في ك.
(٢) ك: «والأئمة».
(٣) ز: «على شرعنا».