للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة، فافتراق أهل الكتابين وافتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إنما أوجبه التأويل. وإنما أريقت دماء المسلمين يوم الجمل وصِفِّين والحَرَّة وفتنة ابن الزبير وهلمَّ جرًّا بالتأويل. وإنما دخل أعداء الإسلام من المتفلسفة والقرامطة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية من باب التأويل. فما امتُحِن الإسلام بمحنة قطُّ إلا وسببها التأويل، فإنَّ محنته إمَّا من المتأولين، وإما أن يسلَّط عليهم الكفارُ، بسبب ما ارتكبوا من التأويل، وخالفوا فيه (١) ظاهرَ التنزيل، وتعلَّلوا بالأباطيل.

فما الذي أراق دماءَ بني جَذيمة ــ وقد أسلموا ــ غيرُ التأويل حتى رفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يديه وتبرَّأ إلى الله من فعل المتأوِّل بقتلهم وأخذ أموالهم؟ (٢).

وما الذي أوجب تأخُّرَ الصحابة - رضي الله عنهم - يومَ الحديبية عن موافقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيرُ التأويل، حتى اشتدَّ غضبه لتأخُّرهم عن طاعته، حتى رجعوا عن ذلك التأويل؟

وما الذي سفَكَ دمَ أمير المؤمنين عثمان ظلمًا وعدوانًا وأوقع الأمة فيما أوقعها فيه حتى الآن غيرُ التأويل؟

وما الذي سفَك دمَ عليٍّ - رضي الله عنه - وابنه الحسين وأهل بيته غيرُ التأويل؟

وما الذي أراق دمَ عمار بن ياسر وأصحابه غيرُ التأويل؟

وما الذي أراق دمَ [ابن] (٣) الزبير وحُجْر بن عدي وسعيد بن جبير


(١) في النسخ الخطية: «في»، ولعل الصواب ما أثبت. وفي النسخ المطبوعة: «وخالفوا ظاهر التنزيل».
(٢) تقدَّم غير مرة.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ الخطية.