للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: هذا من مسائل النزاع، وموارد الاجتهاد. فمن الناس من يوجب ذلك، ومنهم من يوجب في كلِّ بلد صاعًا من قوتهم. ونظير هذا تعيينه (١) - صلى الله عليه وسلم - الأصناف الخمسة في زكاة الفطر، وأنَّ كلَّ بلد (٢) يُخرجون من قوتهم مقدار الصاع (٣). وهذا أرجح وأقرب إلى قواعد الشرع، وإلا فكيف يكلَّف مَن قوتُهم السمك مثلًا أو الأرزّ أو الدُّخْن إلى التمر (٤). وليس هذا بأول تخصيص قام الدليل عليه. وبالله التوفيق.

فصل

ومن ذلك: ظنُّ بعض الناس أن أمره - صلى الله عليه وسلم - لمن صلَّى فذًّا خلف الصف بالإعادة على خلاف القياس، فإن الإمام والمرأة فذَّان (٥)، وصلاتهما صحيحة. وهذا من أفسد القياس وأبطله، فإن الإمام [٢٥٧/ب] يُسَنُّ في حقِّه التقدّم، وأن يكون وحده، والمأمومون يُسَنُّ في حقِّهم الاصطفاف، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس. والفرق بينهما أن الإمام إنما جُعِل ليؤتمَّ به وتُشاهَد أفعالُه وانتقالاتُه، فإذا كان قُدَّامهم حصل مقصود الإمامة، وإذا كان في الصفِّ لم يشاهده إلا من يليه. ولهذا جاءت السنة بالتقدُّم، ولو


(١) ع: «تبيينه».
(٢) في المطبوع: «أهل كل بلد»، فزاد كلمة «أهل».
(٣) أخرجه البخاري (١٥٠٦) ومسلم (٩٨٥) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٤) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة إلا طبعة دار ابن الجوزي، فقد حذف فيها «أو» قبل «الدخن» وذكر في الحاشية أن في (ق): «والدخن». والظاهر أن في العبارة تصحيفًا، وقد يكون «إلى التمر» صوابه «إخراج التمر».
(٥) في النسخ الخطية: «فذَّين».