للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكريم يحبُّ من ضيفه أن يقبل قِراه، ويكره أن يمتنع من قبول ضيافته بصوم أو غيره، ويكره للضيف أن يصوم إلا بإذن صاحب المنزل. فمن أعظم محاسن الشريعة فرضُ صوم آخرِ يوم من رمضان، فإنه إتمامٌ لما أمرَ الله به وخاتمةُ العمل؛ وتحريمُ صومِ أولِ يومٍ من شوال، فإنه يومٌ يكون فيه المسلمون أضيافَ ربِّهم تبارك وتعالى، وهم في شكرانِ نعمته عليهم. فأيُّ شيء أبلغ وأحسن من هذا الإيجاب والتحريم؟

فصل

وأما قوله: «وحرَّم عليه نكاحَ بنتِ أخيه وأخته، وأباح له نكاح بنت أخي أبيه وأختِ أمه (١)، وهما سواء»، فالمقدمة الأولى صادقة، والثانية كاذبة. فليستا سواءً في نفس الأمر، ولا في العُرف، ولا في العقول، ولا في الشريعة. وقد فرَّق الله سبحانه بين القريب والبعيد شرعًا وقدرًا وعقلًا وفطرةً. ولو تساوت القرابة لم يكن فرقٌ بين البنت وبنت [٣٣١/ب] الخالة وبنت العمة، وهذا من أفسد الأمور. والقرابة البعيدة بمنزلة الأجانب، فليس من الحكمة والمصلحة أن تُعطَى حكمَ القرابة القريبة. وهذا مما فطَر الله عليه العقلاء، وما خالف شرعَه في ذلك فهو إما مجوسيةٌ تتضمَّن التسوية بين البنت والأم وبنات الأعمام والخالات في نكاح الجميع، وإما حرجٌ عظيمٌ على العباد في تحريم نكاح بنات أعمامهم وعمَّاتهم وأخوالهم وخالاتهم؛ فإن الناس ــ ولا سيما العرب ــ أكثرهم بنو عمٍّ بعضُهم لبعض،


(١) يعني: «وبنت أخت أمه»، كما عنى من قبل «وبنت أخته». وأثبتوا في النسخ المطبوعة: «وبنت أخت أمه»، زادوا كلمة «بنت» هنا وتركوها في الجملة السابقة.