للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

ومن هذا الباب الحيلة السُّريجية (٢) التي حدثت في الإسلام بعد المائة الثالثة، وهي تمنع الرجل من القدرة على الطلاق البتة، بل تسدُّ عليه باب الطلاق بكل وجه، فلا يبقى له سبيل إلى التخلُّص منها، ولا يمكنه مخالعتُها عند من يجعل الخلع طلاقًا، وهي نظير سدِّ الإنسان على نفسه بابَ النكاح بقوله: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فهذا لو صح تعليقه لم يمكنه في الإسلام أن يتزوج امرأةً ما عاش، وذلك لو صح شرعه لم يمكنه أن يطلق امرأة أبدًا.

وصورة هذه الحيلة أن يقول: كلّما طلقتُك ــ أو كلما وقع عليك طلاقي ــ فأنتِ طالق قبله ثلاثًا، قالوا: [٨٤/ب] فلا يتصور وقوع الطلاق بعد ذلك؛ إذ (٣) لو وقع لزم وقوع ما عُلِّق به وهو الثلاث، وإذا وقعت الثلاث امتنع وقوع هذا المنجَّز، فوقوعه يفضي إلى عدم وقوعه، وما أفضى وجوده إلى عدم وجوده لم يوجد. هذا اختيار أبي العباس ابن سُرَيج، ووافقه عليه جماعة من أصحاب الشافعي، وأبى ذلك جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والحنبلية وكثير من الشافعية. ثم اختلفوا في وجه إبطال هذا التعليق:

فقال الأكثرون: هذا التعليق لغو وباطل من القول؛ فإنه يتضمن المحال، وهو وقوع طلقة مسبوقة بثلاث، وهذا محال، فما (٤) تضمَّنه فهو باطل من


(١) من هنا بداية نسخة ك.
(٢) ك: «الشرعية»، تحريف.
(٣) ك: «إذا»، خطأ.
(٤) ك: «فيما»، خطأ.