للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول، فهو بمنزلة قوله: إذا وقع (١) عليك طلاقي لم يقع، وإذا طلَّقتك لم يقع عليك طلاقي، ونحو هذا من الكلام الباطل، بل قوله: «إذا وقع عليك طلاقي فأنتِ طالق قبله ثلاثًا» أدخَلُ في الإحالة والتناقض؛ فإنه في الكلام الأول جعل وقوع الطلاق مانعًا من وقوعه مع قيام الطلاق، وهنا جعل وقوعه مانعًا من وقوعه مع زيادة محالٍ عقلًا وعادةً، فالمتكلم به يتكلم بالمحال قاصدًا (٢) للمحال، فوجود هذا التعليق وعدمه سواء، فإذا طلَّقها بعد ذلك نفذ طلاقه ولم يمنع منه مانع. وهذا اختيار أبي الوفاء (٣) ابن عقيل وغيره من أصحاب أحمد وأبي العباس ابن القاصّ من أصحاب الشافعي.

وقالت فرقة أخرى: بل المحال إنما جاء من تعليق الثلاث على المنجَّز، وهذا محال أن يقع المنجَّز ويقع جميع ما عُلِّق به؛ فالصواب أن يقع المنجَّز وتمام الثلاث من المعلّق، وهذا اختيار القاضي وأبي بكر وبعض الشافعية ومذهب أبي حنيفة. والذين منعوا وقوع الطلاق جملةً قالوا: هو ظاهر كلام الشافعي، فهذا تلخيص الأقوال في هذا التعليق.

قال المصححون للتعليق: صدر من هذا الزوج طلاقان منجَّز ومعلَّق، والمحلُّ قابل، وهو ممن يملك التنجيز والتعليق (٤)، والجمع بينهما ممتنع، ولا مزيةَ لأحدهما على الآخر، فتمانعا وتساقطا، وبقيت الزوجية بحالها، وصار كما لو تزوج أختين في عقد واحد فإنه يبطل نكاحهما لهذا الدليل بعينه.


(١) «إذا وقع» ساقطة من ك.
(٢) ز: «قاصد».
(٣) «أبي الوفاء» ساقطة من ك.
(٤) «والتعليق» ساقطة من ك.