للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضِفْه فلا يقع. والمُوقِعون يقولون: إذا التزمه فقد لزمه، ومن ضرورة لزومه إضافتُه إلى المحلّ، فجاءت الإضافة من ضرورة اللزوم.

ولِمن نصرَ قول القفّال أن يقول: إما أن يكون قائل هذا اللفظ قد التزم التطليقَ أو وقوعَ الطلاق الذي هو أثره، فإن كان الأول لم يلزمه لأنه نذرَ أن يطلِّق، ولا تُطلَّق المرأة بذلك، وإن كان قد التزم الوقوع فالتزامه بدون سبب الوقوع ممتنع، وقوله: «الطلاق يلزمني» التزامٌ لحكمه عند وقوع سببه، وهذا حق، فأين في هذا اللفظ وجود سبب الطلاق؟ وقوله: «الطلاق يَلزمني» لا يصلح أن يكون سببًا؛ إذ لم يُضِف فيه الطلاق إلى محلِّه، فهو كما لو قال: «العتق يَلزمني»، ولم يُضِف فيه العتق إلى محلّه بوجه. ونظير هذا أن يقول له: بِعْني أو آجِرْني، فيقول: البيع يلزمني، أو الإجارة [٢١/ب] تلزمني، فإنه لا يكون بذلك موجبًا لعقد البيع والإجارة، حتى يُضِيفهما إلى محلّهما. وكذلك لو قال: «الظهار يلزمني» لم يكن بذلك مظاهرًا حتى يُضيفه إلى محلّه. وهذا بخلاف ما لو قال: «الصوم يلزمني، أو الحج، أو الصدقة» فإن محلّه الذمة، وقد أضافه إليها.

فإن قيل: وههنا محلُّ الطلاق والعتاق الذمةُ.

قيل: هذا غلط، بل محلُّ الطلاق والعتاق نفسُ الزوجة والعبد، وإنما الذمة محلُّ وجوب ذلك وهو التطليق والإعتاق، وحينئذٍ فيعود الالتزام إلى التطليق والإعتاق، وذلك لا يوجب الوقوع. والذي يوضح هذا أنه لو قال: «أنا منكِ طالق» لم تُطلَّق بذلك، لإضافة الطلاق إلى غير محلّه، وقيل: تَطلُق إذا نوى طلاقها هي بذلك، تنزيلًا لهذا اللفظ منزلة الكنايات، فهذا كشف سرِّ هذه المسألة.