للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يكن هناك تحليل مشروط ولا منويٌّ ممن تؤثِّر نيتُه وشرطه، وهو الزوج؛ فإنه لا أثر لنية الزوجة ولا الولي، وإنما التأثير لنية الزوج الثاني (١)، فإنه إذا نوى التحليل كان محللًا فيستحقُّ اللعنة، ثم يستحقُّها الزوج المطلّق إذا رجعت إليه بهذا النكاح الباطل. فأما إذا لم يعلم الزوج الثاني ولا الأول بما في قلب المرأة أو وليها من نية التحليل لم يضرّ ذلك العقد شيئًا. وقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - من امرأة رفاعة أنها كانت تريد أن ترجع إليه، ولم يجعل ذلك مانعًا من رجوعها إليه، وإنما جعل المانع عدم وطء الثاني، فقال: «حتى تذوقي عُسَيلتَه ويذوق عُسَيلتكِ» (٢).

وقد صرَّح أصحابنا بأن ذلك يُحِلُّها، فقال صاحب «المغني» (٣) فيه: «فإن تزوَّجها مملوك ووطئها أحلَّها، وبذلك قال عطاء ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم لهم مخالفًا».

قلت: وهذه الصورة غير الصورة التي منع منها الإمام أحمد، فإنه منع من حلِّها إذا كان الزوج المطلق قد اشترى العبد وزوَّجه بها بإذن وليها ليُحِلَّها، فهذه حيلة لا تجوز عنده، وأما هذه المسألة فليس للزوج الأول ولا للثاني فيها نية، ومع هذا فيُكْره؛ لأنها نوع حيلة.

المثال الرابع عشر بعد المائة: قال عبد الله بن أحمد في «مسائله» (٤): سألتُ أبي عن رجل قال لامرأته: أنتِ طالق إن لم أجامعكِ اليوم، وأنتِ


(١) «الزوجة ... الزوج الثاني» ليست في ك.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) (١٠/ ٥٥١).
(٤) (ص ٣٦١).