للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعجّل والمؤجّل فيوفي تمام ذلك، إلا أن يرضى الناكح بأن يجعل المؤخر معجلًا كله مع النقد، فيُمضِي النكاح ولا يفسخ لا قبل البناء ولا بعده، ولا تُردُّ المرأة إلى صداق مثلها. ثم أطالوا بذكر فروع تتعلق بذلك.

والصحيح ما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صحة التسمية وعدم تمكين المرأة من المطالبة به إلا بموت أو فرقة، حكاه الليث إجماعًا منهم، وهو محض القياس والفقه، فإن المطلَق من العقود ينصرف إلى العرف والعادة عند المتعاقدين كما في النقد والسكّة والصفة والوزن، والعادة جارية بين الأزواج بترك المطالبة بالصداق إلا بالموت أو الفراق، فجرت العادة مجرى الشرط كما تقدّم ذكر الأمثلة بذلك.

وأيضًا فإن عقد النكاح يخالف سائر العقود، ولهذا نافاه التوقيت المشترط في غيره من العقود على المنافع، بل كانت جهالة مدة بقائه غير مؤثِّرةٍ في صحته، والصداق عوضُه ومقابلُه؛ فكانت جهالة مدته غير مؤثِّرة في صحته، فهذا محض القياس.

ونظير هذا لو آجره كلَّ شهر بدرهم فإنه يصح وإن كانت جملة الأجرة غير معلومة تبعًا لمدة الإجارة؛ وقد صحّ [٢٨/أ] عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (١) أنه آجَر نفسَه كلّ دلوٍ بتمرة، وأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك التمر (٢). وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحلَّ حرامًا أو


(١) ز: «كرم الله وجهه».
(٢) رواه أحمد (١١٣٥) من حديث مجاهد عن علي - رضي الله عنه -، وفي إسناده انقطاع؛ لأن مجاهدًا لم يسمع من علي. ورواه ابن ماجه (٢٤٤٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفي إسناد حنش متكلم فيه. وانظر: «الإرواء» (٥/ ٣١٣).