للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منبه، عن الحكم بن مسعود الثقفي قال: قضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في امرأة توفِّيت، وتركت زوجها، وأمَّها، وإخوتها لأبيها وأمها، وإخوتها لأمها. فأشرك عمر بين الإخوة للأم والأب والإخوة للأم في الثلث. فقال له رجل: إنك لم تُشرِك بينهم عامَ كذا وكذا. فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا اليوم. فأخذ أمير المؤمنين في كلا الاجتهادين بما ظهر له أنه الحق، ولم يمنعه القضاء الأول من الرجوع إلى الثاني، ولم ينقض الأولَ بالثاني. فجرى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلين.

قوله: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجرَّبًا عليه شهادةُ زور، أو مجلودًا في حدٍّ، أو [٦٣/ب] ظنينًا في ولاء أو قرابة". لمَّا جعل الله سبحانه هذه الأمة أمةً وسَطًا ليكونوا شهداء على الناس، والوسط: العدل الخيار= كانوا عدولًا بعضهم على بعض، إلا من قام به مانع الشهادة. وهو أن يكون قد جُرِّب عليه شهادةُ الزور، فلا يوثق بعد ذلك بشهادته؛ أو مَن جُلِد في حدِّ قذفٍ (١) لأن الله سبحانه نهى عن قبول شهادته؛ أو متَّهم (٢) بأن يجُرَّ إلى نفسه نفعًا من المشهود له، كشهادة السيِّد لعتيقه بمال، أو شهادة العتيق لسيِّده إذا كان في عياله أو منقطعًا إليه يناله نفعه.

وكذلك شهادة القريب لقريبه لا تُقبَل مع التهمة، وتُقبل بدونها. هذا هو الصحيح. وقد اختلف الفقهاء في ذلك: فمنهم مَن جوَّز شهادة القريب لقريبه مطلقًا كالأجنبي، ولم يجعل القرابة مانعة من الشهادة بحال، كما يقوله


(١) لفظ "قذف" ساقط من ع، وكذا من النسخ المطبوعة.
(٢) ع: "متهمًا".