للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم (١) أحسنُ عقلًا وشرعًا وفطرةً من جعْلِ الثلث شائعًا في كل واحدٍ واحدٍ منهم، فحكم رسول الله [٨١/ب]- صلى الله عليه وسلم - في هذه المسألة خير من حكم غيره بالرأي المحض.

المثال الخامس والعشرون: ردُّ السنة الصريحة المحكمة في تحريم الرجوع في الهبة إلا للوالد (٢)، برأي متشابه فاسد اقتضى عكسَ السنة، وأنه يجوز الرجوع في الهبة لكل أحد إلا لوالد أو لذي رحم مَحْرم أو لزوج أو زوجة أو (٣) يكون الواهب قد أثيب منها، ففي هذه المواضع الأربعة يمتنع (٤) الرجوع، وفرَّقوا بين الأجنبي والرحم بأن هبة القريب صلة ولا يجوز قطعها، وهبة الأجنبي تبرُّعٌ وله أن يُمضِيه وأن لا يُمضِيه، وهذا مع كونه مصادمًا للسنة مصادمةً محضة فهو فاسد؛ لأن الموهوب له حين قبض العين الموهوبة دخلت في مِلْكه، وجاز له (٥) التصرُّف فيها؛ فرجوع الواهب فيها انتزاع لملكه (٦) منه بغير رضاه، وهذا باطل شرعًا وعقلًا، وأما الوالد فولده جزء منه، وهو وماله لأبيه، وبينهما من البعضية ما يوجب شدة الاتصال، بخلاف الأجنبي.


(١) ت: «منهما».
(٢) رواه أبو داود (٣٥٣٩) والترمذي وصححه (١٢٩٩) وابن ماجه (٢٣٧٧) وأحمد (٢١١٩)، وصححه ابن حبان (٥١٢٣) والحاكم (٢/ ٤٦) من حديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -.
(٣) ت: «و».
(٤) ع: «تمنع».
(٥) «له» ليست في ت.
(٦) ت: «الملكية».