للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن سعد (١): أخبرني رَوح (٢) بن عُبادة، ثنا حمَّاد بن سلَمة، عن الجُرَيري أنَّ أبا سَلَمة بن عبد الرحمن قال للحسن: أرأيتَ ما تُفتي به الناسَ، أشيء سمعتَه أم برأيك؟ فقال الحسن: لا والله ما كلُّ ما نفتي به سمعناه، ولكن رأيُنا لهم خيرٌ من رأيهم لأنفسهم.

وقال محمد بن الحسن: من كان عالمًا بالكتاب والسنّة، وبقول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما استحسنَ فقهاءُ المسلمين= وَسِعَه أن يجتهد رأيَه فيما ابتُلِيَ (٣) به، ويَقضِيَ به، ويُمضِيَه في صلاته وصيامه وحجِّه وجميع ما أُمِر به ونُهِي عنه. فإذا اجتهَدَ، ونظَر، وقاسَ على ما أشبَه، ولم يألُ= وَسِعَه العملُ بذلك، وإن أخطأ الذي ينبغي أن يقول به (٤).

فصل

ولا تعارُضَ بحمد الله بين هذه الآثار عن السادة الأخيار، بل كلُّها حقٌّ، وكلٌّ منها له وجهٌ. وهذا إنَّما يتبيَّن بالفرق بين الرأي الباطل الذي ليس من


(١) في "الطبقات" (٩/ ١٦٦). وخُولِف حماد بن سلمة في سنده ولفظه، فليُنظر: "المسند" (المعروف بالسنن) للدارمي (١٦٥)، و"الإحكام" لابن حزم (٦/ ٥٤)، و"ذم الكلام" لأبي إسماعيل الهروي (٣٢٨)، ويحسن التأمل في "التاريخ" لابن عساكر (٢٩/ ٣٠٥ - ٣٠٦).
(٢) ت: "عن روح".
(٣) في المطبوع: "يُبتلى"، وفي "الجامع" كما أثبت من النسخ.
(٤) علّقه عنه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٦٢٢).