للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التورُّق، وإن رجعتْ إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلِّل الربا، والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون، وأخفُّها التورُّق، وقد كرهه عمر بن عبد العزيز، وقال: هو آخِيَةُ الربا (١). وعن أحمد فيه روايتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وهذا من فقهه - رضي الله عنه -، فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر.

وكان شيخنا - رضي الله عنه - يمنع من مسألة التورُّق، ورُوجع فيها وأنا حاضر مرارًا، فلم يرخِّص فيها (٢)، وقال: المعنى الذي لأجله حُرِّم الربا موجود فيها بعينه، مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها؛ فالشريعة لا تحرّم الضرر الأدنى وتُبيح ما هو أعلى منه. [٥٧/ب] وقد تقدَّم الاستدلال على تحريم العينة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحلُّ سلفٌ وبيع، ولا شرطانِ في بيع» (٣)، وبقوله: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسُهما أو الربا» (٤)، وأن ذلك لا يمكن وقوعه إلا على العِينة.

ومما يدلُّ على تحريم الحيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صيدُ البرّ لكم حلال، ما لم تَصيدوه أو يُصَدْ لكم». رواه أهل السنن (٥).


(١) انظر: «بيان الدليل» (ص ٨٢). وفي «مصنف ابن أبي شيبة» (٢٠١٥٨) قوله في العِينة إنها أخت الربا.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٠٢، ٣٠٣، ٤٣١، ٤٣٤، ٤٣٩، ٤٤٦، ٥٠٠، ٥٠٢).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه أبو داود (٣٤٦١)، وابن حبان (٤٩٧٤)، والحاكم (٢/ ٤٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وصححاه، وحسَّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٣٢٦).
(٥) تقدم تخريجه.